توماس كارلايل:
محمد الصادق الأمين
ويؤكد الكاتب الإنجليزي توماس كارلايل على بعض صفات النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (لوحظ على محمد صلى الله عليه وسلم منذ صباه أنه كان شابا مفكرا وقد سماه رفقاؤه الأمين- رجل الصدق والوفاء- الصدق في أفعاله وأقواله وأفكاره. وقد لاحظوا أنه ما من كلمة تخرج من فيه إلا وفيها حكمة بليغة. وإني لأعرف عنه أنه كان كثير الصمت يسكت حيث لا موجب للكلام، فإذا نطق فما شئت من لب.وقد رأيناه أول حياته رجلا راسخ المبدأ صارم العزم بعيد الهم كريما برا رؤوفا تقيا فاضلا حرا، رجلا شديد الجد مخلصا، وهو مع ذلك سهل الجانب لين العريكة، جم البشر والطلاقة حميد العشرة حلو الإيناس، بل ربما مازح وداعب، وكان على العموم تضئ وجهه ابتسامة مشرقة من فؤاد صادق.. وكان ذكي اللب، شهم الفؤاد.. عظيما بفطرته، لم تثقفه مدرسة ولا هذبه معلم وهو غني عن ذلك فأدى عمله في الحياة وحده في أعماق الصحراء).
(.. لقد كان في فؤاد ذلك الرجل الكبير ابن القفار، العظيم النفس، المملوء رحمة وخيرا وحنانا وبرا وحكمة وحجى نهى، أفكار غير الطمع الدنيوي، ونوايا خلاف طلب السلطة والجاه. وكيف وتلك نفس صامته كبيرة ورجل من الذين لا يمكنهم إلا أن يكونوا مخلصين جلدين (إني لأحب محمدا (صلى الله عليه وسلم) لبراءة طبعه من الرأي والتصنع. ولقد كان ابن القفار هذا رجلا مستقل الرأي لا يعول إلا على نفسه ولا يدعي ما ليس فيه ولم يكن متكبرا ولكنه لم يكن ذليلا، فهو قائم في ثوبه المرقع كما أوجده الله وكما أراده، يخاطب بقوله الحق المبين قياصرة الروم وأكاسرة العجم يرشدهم على ما يجب عليهم لهذه الحياة وللحياة الآخرة. وكان يعرف لنفسه قدرها.. وكان رجلا ماضي العزم لا يؤخر عمل اليوم إلى غد..).