يذهب الناس الى الفن ؛من اجل الخروج من الازمات وصعاب الحياة .وعثرات الزمن وما اكثرها هذه الايام (...) وما اصعبها على الناس في زمن طغت عليه المادة.
والانسان في هذا الزمن يرضخ لمتطلبات العصر بكل ما فيها من اوجاع والام وتعقيدات..
وياتي الفن الذي يلج اليه الناس من اجل البوح والابتعاد عن الازمات وضيق الدنيا .. منهم من يرى في المسرح انعتاقا من يوم ملئ بالتناقضات والمشاكل العائلية والمالية ...فيرى في مسرحية جميلة راحة واملاً جديدين ...والغاء لما اعترى يومه من هموم ومضايقات..
ومنهم من يذهب لسماع اغنية قديمة ..فيها الصدق والاحساس او جديدة.. قد تريح اعصابه وتخفف الام الزمن عنه ...ومنهم من يذهب لمشاهدة فلم تاريخي او سياسي او ثقافي اواجتماعي فيعود الى البيت وقد خفف من احتقانات الزمن وتعب الايام ...ومنهم من يشاهد مسلسلا ينتظرة بشغف بالغ ختى يعيد الى نفسه القها الذي ربما خبا ..وحضورها الذي هوى وبريقها الذي اطفأ وذاب..
الفن كما تقول الفنانة اسماء مصطفى: ارادة الحياة ...والفن يستمد قوته من الواقع والفنان عندما يمارس الفن يهرب من الواقع ويتعامل مع واقعية من نوع اخر ...والفن واقع وفعل ومعرفة ...ونشاط وانتاج وهو شكل من اشكال الوجود الانساني ...الذي يمنح البشرية ضوءا واملاً وتقدماً الى الامام ...
الفن في اشكاله المتعددة طريق للتحرر من قيود الحياة ...فالفنان التشكيلي عندما يرسم لوحة تشكيلية بابعادها المختلفة ومضامينها والوانها يعكس صورة في داخله ،هذه الصورة تختلف في الفهم من انسان الى اخر ...وكل يفهمها حسب نظرته اليها ...الفن اكسير الحياة ..ومبعث الامل والاراده ...وانطلاق الى معالم الدنيا ..والارتقاء الى اجمل مضامينها وحيويتها واشراقها.
وترى الفنانة اسماء مصطفى التي لعبت ادوارا جميلة كرست خلالها الفن لخدمة الانسان ...ومنحه الثقة ...ان الفن ارادة ...بصفته المحرض والمشاكس والحاكم دائما والمستأنف على كل ما هو سائد لذا يعمل على تعزيز الارادة لدى العاملين فيه نتيجة الاصرار والبحث والانطلاق والتحدي والبحث عن كل شيء جديد من اجل المجبة على ان يكون اولا ..واهم عامل مغذ لصورة الارادة الامل ...
الفن ضرورة ملحة من ضرورات النفس الانسانية التي تمنحها الانتعاش والاحساس بالنشوة والانعتاق من كوابيس الخوف والكراهية الى المحبة والجمال والتحرر من الصورة وبعث الامل في نفوس الناشئة .. واذا ما ذهبنا الى اعماق الفن والادب في رواية الشيخ والبحر لارنست همنغواي ندرك كم ان الفن قادر على صنع الارادة ...فالشيخ العجوز في الرواية انتصرعلى قوى البحر ومضى متسلحا بالعزم والثبات والتجربة رغم الصراع الطويل ...فلم يستسلم بل ازداد عزيمة وتصميما على مواصلة القتال والكفاح والنضال والمقاومة ،فمن خلال عرض همنغواي هذا يتضح رمز الانسانية ومغزى هذه الحياة من خلال مايوحي به الروائي العظيم بتصوير للصراع الدائم المتجدد والقديم الجديد بين الانسان وقوى الطبيعة الغامضة والاصرار على الاستمرار رغم ما حصل من ارهاق وهزائم متتالية لكن لم تدع هذا الانسان يستسلم ويأخذ الانسان باستمرار بالمقاومة لتحقيق الانتصار ودفع عجلة التقدم الانساني ،ليستمر متوقدا ذلك الامل الانساني رغم الشوائب والعراقيل التي تضعها امامنا الحياة والفشل والهزائم ...فلذا يقول العجوز عن خبراته وقوة عقله ينبغي لي ان افكر لان التفكير هو كل ما بقي لي من القوة ...فلا مكان لليأس انها لحماقة ان يستولي على الانسان اليأس كما اني لا اعتقد بأن اليأس حقيقة .
وتتجلى لك القوة الانسانية المتمثلة بالقوة العقلية والتصميم وحب المقاومة والاستمرار بها حتى الوصول الى ما يصبو اليه.
الفن انتصار للنفس البشرية من اجل ان تغذي الخطى الى الامام دون ان تتقهقر.. فالحياة دافقة متدفقة لا مجال فيها للتراجع ..والفن الحقيقي هو الذي يمكن النفس الانسانية من الاستمرار نحو مساحات من الامل والنجاح والتقدم..