عذرا، ولكنني مضطر للعودة إلى قانون الإبداع والإنترنت الذي يناقشه البرلمان الفرنسي حاليا، والذي يهدف رسميا، لمكافحة قرصنة الإنتاج الموسيقي والسينمائي، ذلك إن مناقشة مواد القانون بدأت تكشف النقاب عن تفاصيل أخطر بكثير مما كنا نتصور، وما أثار غضب المعارضين يتعلق بإحدى المواد التي تسمح للشركات باختبار تقنية المراقبة على المستوى الوطني، بينما الاتفاقيات السابقة تقضي بألا تتم أي عملية مراقبة للشبكة قبل التحقق من الإمكانية التقنية والاقتصادية لتطبيق هذا النظام، إلا أن أخطر ما في الأمر أن النظام المذكور أنه لن يراقب المواد المفترض أن يقوم بحمايتها فقط، وإنما، ووفقا لما أعلنته وزيرة الثقافة الفرنسية "كريستين آلبانيل" سيقوم بمراقبة محتويات كافة التبادلات على الشبكة الدولية في فرنسا، والحكومة تترك مهمة اختيار وتطوير هذا النظام وإدارته من الناحية التقنية لشركات المعلوماتية الخاصة بالتعاون مع شركات الإنتاج الموسيقي والسينمائي، وترفض، حتى مراقبة اللجنة الوطنية للحريات والمعلوماتية، وكل ذلك سيكون في نهاية الأمر تحت إشراف سلطة إدارية بعيدا عن القضاء، كل ذلك دفع بأحد النواب ليصرخ في وجه الوزيرة "إنه لم يعد قانون الإبداع والإنترنت وإنما قانون لمراقبة الإنترنت"، وهذه كلمات حقيقية لدرجة كبيرة، فإذا كان الهدف المعلن اليوم هو حماية حقوق المبدعين، فإنه لا توجد أي ضمانة أن الدولة في مستقبل قريب أو بعيد لن تستخدم نظاما تديره سلطة إدارية تابعة لها مباشرة لأهداف أخرى، والحجج كثيرة ومتعددة، الإرهاب، حماية الأطفال، قاموس من يريدون التحكم في الشبكة كبير للغاية
ربما يكمن السبب في جهل السياسيين والنواب الكبير بتقنيات الاتصالات والإنترنت، وهو الأمر الذي كان واضحا أثناء النقاش البرلماني، وفي إجابة النواب على بعض الأسئلة البسيطة للصحفيين المختصين، حيث اتضح على سبيل المثال أن عددا كبيرا منهم يجهل ما الذي يعنيه التبادل "Peer to peer"، بل وأجاب أحدهم بكل فخر "إنني فرنسي، ولست مطلوبا مني أن أفهم الإنجليزية"، نعم، الجهل في صفوف السياسيين لا يقتصر على بلدان العالم الثالث
على كل فلتخض الحكومة الفرنسية هذه التجربة، إن أرادت، نحن نعرف النتيجة مسبقا، وحلول مواجهة هذا النظام بدأت بالظهور فعلا، وأبرزها الشبكات الظاهرية التي حدثناكم عنها
سينفقون عشرات الملايين، ويقيمون أنظمة معلوماتية وإدارية، إلخ، ليكتشفوا في النهاية أنها لن تقدم أو تؤخر.
