انتهت الإجازة سريعا وكان مايسليني فعلا هو أن زيارات مها وسارة تكررت كثيرا وأصبحنا لاننفك في الحديث عن كل شيء وكان جدتي قد أعجبت بزميلاتي قائلة لي انهن من عائلات طيبة ..
عدت لهذا الصف الأخير عازمة على أن تكون هذه السنة الدراسية أفضل مايكون .. وقررت أن أتعب في مقابل أن أحصل على مجموع يؤهلني لاختيار مستقبل مناسب لي ..
كنت أسير بين أروقة المدرسة وسارة على يمني ومها على يساري .. وعفراء إلى جانب سارة .. التي صرحت
" أريد عمل شيء .. جنوني .."
قالت عفراء باستغراب " بعد كل مافعلته ؟؟ لازلت متشوقة لعمل شيء جنوني "
"لم أفعل شيء اليوم ..."
قالت مها بهمس " لا أعرف من رمت لتوها بحجر على نافذة المديرة .. ولا أعرف من التي صرخت بكلمة جبناء عند باب الصف العاشر وكان في الداخل مدرسة الرياضيات التي لاترحم ."
قالت سارة بصدق " لا أذكر من فعلت هذا ؟؟ "
قلت ساخرة " يبدو أنك مصابة بانفصام بالشخصية أو بفقدان الذاكرة "
قالت سارة بثقة " لايهم .. المهم أني أتوق لفعل شيء مجنون .."
أمضينا آخر خمس دقائق من الإستراحة في التجول .. وما إن رن جرس الحصة حتى صادفنا نورة برفقة مجموعتها الجديدة ..
قالت نورة ساخرة كعادتها " من أرى أمامي ؟؟ المجنونة برفقة البدينة والمعقدة !"
توجهت عفراء إلى الصف بسرعة معلنة رغبتها في عدم التدخل ..
قالت مها باستهزاء "انظروا من يتكلم ... الحمقاء بعينها!"
غضبت نورة " اني لا أسمع هل سمعتم طنين بعوضة ؟؟ "
ضحكت زميلاتها مكن حولها وشعرت أن الموقف لن يتوقف عند هذا الحد فصرخت بنورة " كفـــى ... لايعني أنك انضممت لهن أن لك الحق في القدوم والسخرية منا "
ادعت نورة الخوف وصرخت " يا إلهي .. انها من الجوع ستأكلني البدينه لا "
شمرت سارة عن كميها وبدت نظرة سعادة على ملامحها ..سألتها قلقة " ماذا تفعلين ؟؟"
قالت بابتسامة مطمئنة " قلت لك أني أتوق لعمل شيء جنوني اليوم .. وها حان الوقت "
انطلقت سارة تجاه نورة ودفعتها بقوة وخلال ثواني استحال عراكهما إلى قتال بين الجميع و تجمهرت الفتيات وهن يشجعن سارة بقوة فقد تأذين بالفعل من نورة .. دخلت في هذه المعركة محاولة أن أفك بين الجميع .. لكن على مايبدو أني لا أنفع اطلاقا في عقد معاهدات السلام !!!
بعد نصف ساعة كنت أكتم ضحكتي وأنا أرى أشكال الفتيات ذوات الشعر المنتوف والملابس الممزقة والكدمات الخضراء والزرقاء والشفة المنزوعة .. ضحكت سارة بانتصار .. لم تستطيع كبت ضحكها مع دموع الفتيات الأخريات ..
صرخت المديرة في وجهنا بقسوة " ماهذا ؟؟ من أخبركن أننا ندير حلبة للمصارعة ؟؟ هذه مدرسة محترمة من أرقى المدارس في الدوحة .. وقد شهدت قتالكن للتو أحد الموجهات القديرات في الوزارة ... ماذا أقول ؟؟ ماذا أقول ؟؟ صبية .. لستن فتيات محترمات .. للأسف خاب ظني في الكثير منكن .. "
قالت الجملة الأخيرة وهي تنظر لي ولسارة ولمها .. التي كانت تضع ثلجا على أنفها المكسور .. كانت نورة هي التي تلقت الضرب الأكثر .. فقد كسر أنفها و استقرت كدمة زرقاء تحت عينها و وفمها مليء بالدم .. لقد أدت سارة واجبها تماما كما أرادت ولم يطلها سوى بعض الخدوش من أظافر نورة ..ومزق كم قميصها .. أما أنا فلم أتعرض سوى لكدمة سيئة على عيني من مرفق سارة عندما حاولت أن أفكها عن نورة .. نظرت إلى سلمى التي طالتها الكدمات والخدوش على وجهها .. وكانت تقف بقربها بنة التي
كانت قد امسكت بخصلات من شعرها بين يديها ...
"قرار فصل تأديبي لكل منكن .. ولا تدخلن هذه المدرسة سوى برفقة ولي أمركن ."
وقعنا جميعا على هذا القرار .. وكان عدد المفصولات هو ثمان
طالبات .. أنا ومها وسارة من طرف وسلمى ونورة وبنة وفتاتان
الطرف الآخر ..
قلت معلقة وأنا أحمل شنطتي وعباءتي
" فعلت ما أردت يا سارة .. وارتكبتي الجنون بعينه !!"
ضحكت سارة قائلة " منذ علمت أن نورة انضمنت لسلمى وأنا اتشوق لهذه اللحظة .. "
قلت وقد تذكرت للتو " ماذا أقول لوالدتي؟؟ كيف سأقول لوالدتي؟؟ "
قالت مها بروح مرحة " أمامك اسبوع .. فكري كما تريدين.. أما أنا عن نفسي سأخبر أمي منذ الآن .. فهي تسأل عني دائما لدى المديرة .. لكني أخبرتها عن تصرف نورة أتمنى أن تعذرني .. ولاتعاقبني .. "
قالت سارة بلا مبالاة " ليست المرة الاولى بالنسبة لي .. "
-8-
مواجهه ..
قضيت أول ثلاثة أيام في غرفتي لم أخبر أحدا بشيء .. كنت أقضي الصباح في النوم والليل في الدراسة .. وأما بعد الظهر كنت أتكلم في الهاتف مع سارة أو مها .. وكانت هذه الحادثة الأخيرة قد جعلتنا قريبات جدا من بعض ..
فتح الباب بقوة ودخل والدي بغضب كنت أمسك بكتابي بين يدي أحل بعض المسائل التي شرحتها لي عفراء عبر الهاتف ..
لأول مرة منذ وقت طويل يدخل والدي لغرفتي ..
" فاطمة .. "
" نعم يا أبي .. "
" قال لي السائق أنك لم تذهبي للمدرسة منذ ثلاثة أيام ؟؟ مالسبب ؟"
شعرت كأني قلبي توقف .. نظرات أبي النارية تطلب جوابا سريعا وأنا لا أعرف ماذا أقول ؟ ... عجزت التنفس عدة دقائق ..
" أنا .. آآآآآآآآ..... "
" أنت ماذا ؟؟ لن أتسامح في ترك المدرسة .. منذ الغد تعودين لمدرستك .. أسمعتي؟؟ "
" لللل...كن .."
"لكن ماذا ؟؟ "
قلت وقد شعرت أن شجاعتي قد خانتني .. "
"لااستطيع " "
" ماذا ؟؟ ارفعي صوتك ؟؟ "
" لا أستطييــ....ــع.."
" لماذا .؟؟ ""
كان والدي غاضبا جدا ... وقد شعرت للحظة أن عينيه اشتعلت نارا .. وقررت قول الحقيقة .. قلت بصوت منخفض
"تم فصلي لمدة اسبوع "
"ارفعي صوتك لماذا تهمسين ؟؟""
"تم فصلي لمدة اسبوع "
قلت جملتي الأخيرة التي صدمت والدي كثيرا .. وأمسك بأذني بقوة ..
"لمــأذا؟؟ "
قلت بسرعة وأنا أرجف ,,,
" تعاركت زميلتاي وكنت أباعد بينهما فحسبتني المديرة معهما !"
ترك والدي أذني ومسح على رأسي .. قال بنفاذ صبر
"هل تعلم والدتك بالموضوع ؟؟"
هززت رأسي بلا ..
"توقعت هذا .. "
تركني أبي وخرج .. بعد عشر دقائق سمعت صراخا في الخارج وبدأت في الإرتجاف .. ثم فتح باب غرفتي بقوة وكانت والدتي في قمة انزعاجها وغضبها
" أصحيح ماقاله والدك ؟؟ "
" أجل "
كان كل طرف فيني يرتجف بشدة .. هذه اللحظة التي كنت أنتظرها
منذ أيام .... انفجار أمي وغضبها ..
" فصلت من المدرسة فاطمة ؟؟ فصل ؟؟ والسبب عراك ؟؟ ولم تخبريني ؟؟ ألهذه الدرجة تكرهيني لتجعلي والدك يستهزأ بي وبتربيتي لك ؟"
في تلك اللحظة توقفت عن الإرتجاف .. وقد أدركت حقيقة غضب والدي .. فقلت مصرحة وقد فاض بي الكيل
" لماذا لم تخبريه أن جدتي هي من قامت بتربيتي لا أنت "
نزلت يد والدتي على وجهي وكانت للمرة الأولى في حياتي تمد يدها وتضربني ..
" أتشكيكين بتربيتي لك أيتها العاقة ؟؟ بعد كل هذ العمر ؟؟ أتجرأين ؟؟ ألا يكفي أني تحملتك وأنت بهذا الشكل ؟؟ ألا يكفي أني كنت أصرف عليك كل مالي ؟؟ "
كانت كلماتها غير منطقية بالمرة بالنسبة لعقلي وقلبي اللذان قررا مواجهتها بحقيقتها
" أنا لست بعاقة . وأنا لا أعتبرك أمي .. فلم أر فيك أي شيء من هذه الكلمة .. استمعي إلى نفسك .. لا توجد أم في هذه الدنيا تكلم أبناءها كما تفعلين إني أكرهك !"
أغلقت الباب بعد أن دفعتها إلى الخارج وأقفلت الباب وانخرطت في بكاء مرير .. طرق الباب كثيرا من عدة أشخاص لكني لم أبه لأحد .. رن هاتفي الخاص كثيرا لكني كنت في حالة نفسية سيئة جدا .. بعد عدة ساعات فتح الباب من الخارج ..
كانت جدتي التي تبدو حزينة جدا
" ارتدي ملابسك سنخرج أنا وأنتي .."
لم أمانع وهذا ماكنت أحتاجه .. أن أخرج من قوقعتي ودموعي .. أخذتني جدتي إلى البحر ولم تتكلم طوال الطريق .. لكني أخيرا ارتميت في حضنها وبكيت كثيرا .. كما لم أبك في حياتي اشتكيت لها سبب حزني .. وقلت لها كل آلالامي وأحزاني .. وكانت تطيب خاطري بكلماتها الطيبة ...
" سأذهب معك إلى المدرسة في الاسبوع القادم..وإن تكرر هذا الموقف لاتخبري احدا فقط إلجأي إلي ... أسمعتي ؟ "
" أجل "
بقينا حتى الغروب عند شاطئ البحر.. ثم أخذتني جدتي إلى منزل عمتي ...
" سنام الليلة هنا .. "
لم أمانع .. بالعكس .. وجدت بين يدي عمتي وبنات عمتي مالم أجده بين يدي والدتي .. الإهتمام ... أخبرتهن باستمتاع ماحدث بالضبط وانخرطن في ضحك شديد عندما تخيلن وجوه الفتيات كما أصفها .. وعندما ذهبت لغرفة صافية ومنى ..