حالة من الطوارئ والاستنفار العام تعلن لدى العائلات التي لديها طالب في الثانوية العامة، وأحياناً أخرى تصل حالة الاستنفار حتى العائلات المجاورة كنوع من التضامن والدعم المعنوي لتوفير الهدوء والسكينة لطالب الثانوية العامة، وعلى مدار العام الذي يسبق امتحانات الثانوية العامة يتكثف عمل المراكز الثقافية والمدرسين الخصوصيين في المواد العلمية ومادة اللغة الإنجليزية، ويبدأ أولياء الأمور بترتيب أمورهم المالية لتغطية ميزانية هذه المراكز والمدرسين الخصوصيين بغض النظر عن ظروفهم الاقتصادية، وإلى جانب هذه الإجراءات تستنفر الأجهزة الأمنية، والشخصيات الرسمية لزيارات رسمية وحماية أمنية لقاعات الامتحانات كنوع من الدعم والرعاية للطلبة في هذه المرحلة التي تعتبر حرجة في مصير كل طالب وطالبة من طلبة الثانوية العامة وحتى عائلاتهم في أحيان كثيرة.
ولكن السؤال لماذا يختصر جهد وتعب الطالب وأسرته على مدار اثني عشر عاماً من الدراسة في امتحانات الثانوية العامة فقط؟، ولماذا لا يتم البحث في سبل وأساليب جديدة تجعل تقدير مستوى الطالب حصيلة متراكمة لجهوده الدراسية واجتهاده على مدار حياته الدراسية، أو على الأقل في السنوات الثلاثة الأخيرة التي تعرف بالمرحلة الثانوية؟.
فكل طالب وكل أسرة معرضة أن تمر في ظروف اجتماعية معينة في مرحلة دراسة أحد أبنائها في الثانوية العامة، أو قد يتعرض الطالب نفسه لظرف صحي أو اجتماعي محدد قد يمنعه من تأدية امتحانات الثانوية العامة في ظرف هادئ ومناسب، أو قد لا يستطيع تأديتها بالكامل مما يعني انتظار عام آخر على الأقل إن لم يؤدي الأمر لضياع مستقبله الدراسي برمته.
بالتالي مطلوب من وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية، ومن كافة المختصين في موضوع التربية والتعليم التفكير والعمل على تغير في النهج المعتمد حالياً في التعاطي مع امتحان الثانوية العامة ونتائجه، ومن الأمور التي باعتقادي يمكن أن تشكل الأمور التالية منطلق لمثل هذا التفكير والتوجه:
*- محاربة ظاهرة استغلال طلبة الثانوية العامة في المراكز الثقافية، ومن قبل المدرسين الخصوصيين، وذلك باعتماد أساليب دراسية وتربوية تأخذ بعين الاعتبار مستويات الطلبة الدراسية والفارق في القدرات الأكاديمية بينهم، ووضع آلية للنهوض بذوي المستويات الدراسية المتدنية ضمن خطط دراسية تشرف عليها وزارة التربية والتعليم العالي من شأنها تحسين مستوى الطالب.
*- التميز الإيجابي لصالح الهيئات التدريسية التي من مسئوليتها تدريس طلبة مرحلة الثانوية العامة، كون التميز الإيجابي يعزز الأداء والعطاء في مثل هذه الحالات.
*- تحديد أكثر من معيار واحد في قياس وتحديد تقدير طالب الثانوية العامة، كأن يعطى وزن للامتحانات المدرسية طوال العام الدراسي في الثانوية العامة في المعدل النهائي، أو ربط نتائج الطالب الدراسية في الثانوية العامة مع السنة الدراسية السابقة على الأقل ليكون التقدير لمستوى الطالب منطقي وعادل.
*- تحديد وزن في تقدير الثانوية العامة لموضوع المهارات الفردية للطلبة، وعدم جعل الامتحان هو المقرر الوحيد في مصير الطالب.
*- تفعيل دور المرشدين الاجتماعيين في المدارس التي فيها صفوف للثانوية العامة من أجل إرشادهم وتخفيف وطأة الخوف من الامتحانات لجعل امتحانات الثانوية العامة كأي نوع من الامتحانات المدرسية التي يتقدم لها الطلبة.