لماذا أنا في هذه الحياة؟
السبب الذي نحيا من أجله يتطلب منا أن نعيش لنحققه.
ليعيش الإنسان يجب أن تتوفر له مقومات المعيشة. ليعيش و يؤدي دوره في الحياة.
هذه المقومات الأساسية يمكن أن نقسمها لـ:
1- التنفس. و الحمد لله لايزال الهواء متوفر بدون مقابل يذكر. مع أنه صار في خطر بسبب جشع الإنسان.
2- الأكل و الشرب. هناك نوع من الصعوبة للكثير من البشر في إيجاد قوت يومهم. و لكن غالبيتنا بل ربما كلنا لن يعدم أن يجد مايبقيه حياً من مأكل و مشرب.
3- الملبس. و غرضه الأساسي لستر عوراتنا و وقايتنا من البرد و أشعة الشمس الحارقة.
4- مكان سكن يقينا الحر و البرد و العراء. و يوفر لنا بعض الخصوصية. و لننام فيه فيأخذ الجسد الراحة الكافية التي تبقيه حياً.
5- كماليات أخرى تسهل علينا صعوبات كثيرة في الحياة. علينا أن نحاول الإستفادة منها لنتمكن من تأدية وظيفتنا في الحياة على أكمل وجه. من هذه الكماليات مثلاً:
السيارة: توفر لنا الوقت و الجهد بتسهبل عملية التنقل.
الهاتف: و يوفر الوقت الكثير و يقرب البعيد فيمكن به قضاء الكثير من حوائجنا الضرورية لتسهل علينا مهمة تأدية وظيفتنا في الحياة.
التلفاز: يمكن عن طريقه معرفة مايحدث في مختلف بقاع الأرض بالصوت و الصورة. و عن طريقه أيضاً يمكننا أن نتفرج على أخواننا المسلمين في مختلف بقاع الأرض و هم يذبحون و يهانون. فلن نعد بحاجة لمن ينقل لنا خبر أن فلانة قالت "وامعتصماه" بالتشافه و حديث الناس. بل صرنا نتفرج على هذه المشاهد صوت و صورة و على الهواء مباشرة. المهم هذا الجهاز بإمكانه أن يعيننا على تأدية وظيفتنا في الحياة بشكل ممتاز.
الحواسيب: يمكن أن تكون مكاتب ضخمة متنقلة في جهاز صغير. و يمكن أن تكون أدوات توفر لنا ساعات طويلة و تقوم بعمليات قد نحتاج لأشهر للقيام بها على الورق في ثواني معدودة. و غيرها من الوظائف التي تمكننا من تأدية وظيفتنا في الحياة على أكمل وجه.
الأنترنت: منظومة ضخمة عشوائية من المعلومات و الإتصالات بين مختلف البشر. يمكننا أن نستخدمها لنؤدي وظيفتنا في الحياة بشكل متقن و رائع.
وغيرها الكثير من الكماليات الأخرى التي تعيننا على مصاعب الحياة -التي لم تكن مصاعب بالنسبة للأجيال السابقة- لنتمكن من تأدية وظيفتنا في الحياة بشكل متقن.
جميل جداً. علينا أن نستفيد الإستفادة القصوى من هذه العوامل لتأدية وظيفتنا في الحياة.
و لكن ماهي وظيفتنا؟ لماذا نحن أحياء؟
لو قمنا باستبيان في هذا المنتدى مثلاً و سألنا كل عضو ماهو هدفه من الحياة و لماذا هو يعيش، ستكون أغلب الإجابات من ضمن الآتي (مع العلم أنه سبق أن وضع موضوع مشابه هنا) بعد استثناء بعض الإجابات ذات الطموحات الدنيئة:
أنجح في دراستي.
أجد عمل جيد.
أصبح ثري.
أتزوج ممن أحب.
أكون عائلة و أنجب أطفال.
و أهداف شبيهة.
هذه مجموعة أولى. هناك مجموعة أخرى مثل:
أنال رضى أمي و أبي.
أضيف شيء للحياة.
أخترع شيء جديد.
أقدم الخدمة لمجتمعي.
أساعد في تقدم بلدي.
و أهداف شبيهة.
كل ماسبق أهداف سامية و رائعة. لكنها ليست الهدف من الحياة. و من يعتبرها هدفه في الحياة فأنصحه أن يراجع حساباته. هي فعلاُ أهداف تستحق أن تكون جزء يساعد على أداء الهدف الرئيسي أو الوظيفة الرئيسية لنا في الحياة.
فما هي هذه الوظيفة؟ لماذا نحن أحياء؟
السؤال بسيط جداً. أي تلميذ في المرحلة الإعدادية مذاكر لدروسه يعرف الإجابة.
نحن أحياء لنعبد الله. هذا هو الهدف و هذا هو السبب الذي خلقنا لأجله
يقول الله تعالى في كتابه الحق: { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) } من سورة الذاريات.
فلو اعتبر الشخص أن الأهداف السابقة عبادات و أخلص نيته فيها لله وحده عندها تكون هدف نبيل فعلاً. و لكن قبل كل هذا علينا أن لا نقصر في أهم العبادات و هي الصلاة. ثم باقي أركان الإسلام و ركائزه الأساسية (بفرض أن الشهادتين أمر مفروغ منه و كلنا يرددها كل يوم على الأقل 12 مرة في أسوأ الأحوال)
يمكننا أن نتنفس و نخلص النية في هذه العملية لله وحده. فالغرض من تنفسنا أن نبقى أحياء لنعبد الله. بهذا الشكل يكون التنفس عبادة نجمع منها الحسنات.
الأكل، نأكل لنسد جوعنا و نبقى أحياء لنعبد الله. فلو أخلصنا النية في الأكل لله وحده و جعلنا سبب الأكل أننا نريد أن نبقى أحياء لنعبد الله. سيكون الأكل عبادة نجمع منها الحسنات.
الشرب نفس الشيء.
الملبس نفس الشيء.
المسكن نفس الشيء. و كذا النوم.
السيارة، التلفاز، الحاسوب، الشبكة العالمية (الأنترنت)،...
الدراسة و النجاح فيها، العمل، المال، الزواج، الأطفال... يجب أن نخلص النية فيها لله.
رضا الوالدين، العلم، بناء البلد و المجتمع... عبادات خالصة لله، هكذا يجب أن تكون.
تخيل كم الحسنات التي يمكن تجميعها من هذه الوسائل كلها.
و لكن ماقولكم فيمن يتنفس ليعيش فيرتكب المعاصي؟
يتنفس ليعيش فيقابل تلك، و يواعد الأخرى... و ليتفاخر و ليظلم و يفجر.
مارأيكم فيمن يأكل فقط لحب الأكل.
مارأيكم فيمن يشرب فقط لأنه عطشان دون أن يعرف لماذا عليه أن يروي عطشه و لماذا يبقى حياً.
مارأيكم فيمن يلبس ليتباهى به و ليقلد الكفار. طبعاً و يستر عورته أكيد. لكن الأمر الداعي للبكاء و الإجهاش به حتى تنتهي الدموع فنبكي الدم أن نرى المسلمة تلبس لتتعرى. فلا جعلت لباسها حجاباً شرعياً لوجه الله، و لم تجعله حتى حجاباً خجلاً من الناس، و لا حتى سترت عورتها و صار لباسها يظهر المفاتن. و أصبح يفصل ثوب المسلمات على مفاتنهن. حتى غطاء الرأس أخرجن منه خصلات شعر، فلمن هذا اللباس لو كان لله لكان بشكل يرضي الله. و ماأشد إيجاعاً من هذا إلا ترك الحجاب تماماً فالشعر كله معروض لكل من هب و دب. الثوب يظهر كل المفاتن. و صار القصير و الخليع و لبس الكفرة و المشركين لباس نرى المسلمة ترتديه و نمر على الموقف مرور الـ(ـلا)كرام و كأن شيئاً لم يكن. صرن عارضات أجسادهن مجاناً، لتجمع الواحدة منهن الذنوب كالجبال. و صرن سلع في سوق الشيطان الذي يضل به العباد، فتمتليء جهنم منه و ممن تبعه.
فما أحوجنا للمسلمات العفيفات هذه الأيام. و ما شيء يدخل البهجة و السرور لقلبي أكثر من رؤية مسلمة عفيفة ترتدي الحجاب الصحيح لله وحده ضاربة بعرض الحائط كل الأهداف و الملذات الشيطانية التي صارت هم الكثيرات من أمة لا إله إلا الله. هذه المسلمة كنز لا يقدر بثمن، يعتبرها الرجل منا ملكة لا يستبدل ظفرها بمليون سافرة.
مارأيكم فيمن يجعل المسكن وسيلة للتكبر و المباهاة و المفاخرة بين الناس. و لتوفير رفاهية فاحشة.
مارأيكم فيمن يجعل السيارة وسيلة تكبر و مفاخرة بين الناس. و وسيلة لتحقيق ملذات دنيئة و مضايقة المسلمين و التسبب بالكوارث. و مارأيكم فيمن يستعمل السيارة في الفواحش و الكبائر.
مارأيكم فيمن يجعل التلفاز وسيلة لتهييج الغرائز و تدمير الأجيال و نشر الفتن و السماع للمنكر من القول و مشاهدة المنكر من الأفعال. و السماع للأغاني الدنيئة و مشاهدة الرقص و الخلاعة. و تعليم الأطفال منذ نعومة الأظافر أن الرقص هو مايقوم به قدواتنا هذه الأيام . و أنه يمكن للرجل أن يختلي بالمرأة المحرمة عليه و يكون هذا حباً راقياً الجاهل و المتخلف فقط من يعارضه و أن الأبطال يقيمون العلاقات الغرامية الساخنة و أن الراقيات لايرتدين الحجاب و أن الموسيقى فن راقي و أن الصلاة يمكن تفويتها لإكمال المسلسل و أن و أن و أن... (ضاع الجيل بحاله من ذلك الصندوق و استخدامنا الشيطاني له)
مارأيكم فيمن جعل الهاتف للتفاخر بأنه يملك واحد. فقط لاغير. بل أصبح وسيلة للفواحش و ترتيب الجلسات الشيطانية و إضاعة الوقت في كلام لافائدة منه و مضايقة المسلمين و العباد.
الحاسوب... و مارأيكم فيمن جعله مجرد تقليد و تكملة للصورة التي يود أن يرسمها لشخصيته؟ و من يستعمله فقط للعب لا لشيء آخر و من جعله وسيلة لمتابعة الأفلام و ..........
الأنترنت... دنيا مصغرة. فيها كل شيء. هناك من عرف كيف يستفيد منها في تأدية وظيفته في الحياة و هناك من أساء استعمالها فصارت مصيبة و وسيلة دمار له و أضاعت دينه و هو لا يعلم. كمثال بسيط جداً هذا المنتدى... لماذا تشارك فيه؟ لماذا تكتب المواضيع و ترد عليها؟ أرجو أن تملك الإجابة الصحيحة لهذا السؤال.
"لماذا" سؤال يجب أن نسأله لأنفسنا قبل أن نقوم بأي عمل. فلو كان هذا العمل خالص لله و هدفنا من القيام به إعانتنا على عبادة الله و طاعته فمرحباً بهكذا عمل. و بإمكاننا أن نقرر من هذه اللحظة أن كل عمل نقوم به يكون لوجه الله. مهما كان هذا العمل صغير. لايهم مايقوله أو يظنه الناس طالما أننا نقوم بما يرضي الله.
و الأهم أن نراجع كل حساباتنا و نجعل الهدف من حياتنا هو فعلاً عبادة الله.
كم هو عجيب أمر الإنسان. عجيب جداً.