ظهرت إدارة الجودة الشاملة Total quality management (T Q M ) إلى الوجود بسبب الأزمة التي حطمت الاقتصاد الياباني مع نهاية الحرب العالمية الثانية
،وسببت خسارة كبيرة في الأسواق للصناعة الأمريكية في الستينيات مما أدى إلى الأخذ بها ،و الرجوع إلى منشئها ، أو ما سمي بموقع الميلاد Birth place. ولما كان الاقتصاد الأمريكي يرتبط بنجاح نظام المدرسة الحكومية فقد تم تجميع البيانات الخاصة بالتعليم الرسمي لدراسة صلته بالأزمة الأمريكية وقد تبين أن أمريكا لن تهيمن عالميا في القرن الحادي والعشرين بدون إعداد ذي جودة للقوى العاملة. وبالتالي تأكد أن الاهتمام بإدارة الجودة الشاملة (TQM ) في المدرسة الحكومية له دور كبير الاقتصاد الأمريكي وبخاصة في الصناعة الأمريكية حيث يزود خريجو المدرسة بالوسائل والتقنيات المرتبطة بالجودة الشاملة للحفاظ على تقدم الصناعة وبالتالي تقدم الاقتصاد حيث يكون التعليم ومهارات العمل هما السلاح المنافس المهيمن في القرن الحادي والعشرين.(1)
ويتعرض العالم اليوم لتغير دينامي، فمنذ عشر سنوات مضت تقريبا على انهيار الاتحاد السوفييتي وتشكيل الاتحاد الأوروبي، لم تعد هناك شركات منافسه للشركات الأمريكية إلا في الأسواق المحلية، كما أن العلامات التجارية مثل تيوتا وهيتاشي وسوني والعلامات الأخرى في المملكة المتحدة وسويسرا وفرنسا واليابان لن يكون لها منافس في السوق العالمي نتيجة الاعتماد على التدريب التقني لقوى العمل بشكل جيد.
ومن هنا أبرزت التغيرات العالمية، الحاجة إلى تطوير التعليم في الولايات المتحدة الأمريكية والدول المتقدمة بل والنامية أيضا، تبدأ بالبحث في أسباب وجذور مشكلات التعليم حتى يمكن للمدارس أن تغير نظمها التربوية في ضوء الاتجاهات الحديثة بدلا من السير وفقا للطرق التقليدية المعتمدة على الإلقاء والتلقين واتخاذ السبورة وسيلة تعليمية وحيدة، مع التركيز على التغيير الشامل للمنظومة التعليمية.
وتشير الدلائل إلى أنه لا يوجد توازن بين زيادة عدد المدارس الحكومية في الولايات المتحدة الأمريكية من ناحية والانخفاض في عالم الصناعة من ناحية أخرى لأن المدارس لم تنجح في إعداد طالب متعلم بشكل جيد مما أدى إلى ضعف الصناعات والمنتجات، والفشل في تلبية احتياجات سوق العمل، وبالتالي احتاجت الولايات المتحدة الأمريكية إلى تطبيق نظام إدارة الجودة الشاملة في النظام التعليمي، مع ضرورة اكتساب المهارات المختلفة في مجتمع العمل بعد تدريب المستخدمين في المدارس الثانوية والكليات الأمر الذي يؤدي إلى اكتساب العمال الأمريكيين لمهارات إدارة الجودة الشاملة (TQM) التي وضعها ديمنج وفقا للعقيدة اليابانية بأن التعليم هو مفتاح نجاح الجودة العامة والخاصة (2) مما نتج عنه تزايد في مؤسسات التعليم العالي التي تتبنى إدارة الجودة الشاملة لجذب الطلاب وتحسين الجودة بشكل مستمر وزيادة عدد الكليات والجامعات التي تطبق نظام إدارة الجودة الشاملة في الولايات المتحدة الأمريكية من 78 مؤسسة عام 1980إلى 2196 مؤسسة عام 1991 التي تستعمل الجودة في الإدارة وذلك بتقديم المفاهيم الخاصة بها وتوسيع إدراكها في حرم الجامعة (3) بالإضافة إلى النظر لقضية الجودة من خلال التأكيد علي القدرة على الإنجاز ، وذلك لاهتمام الشركات بقياس جودة الخريجين ومدى توافقهم مع متطلبات الإنتاج الأمريكي ومتطلبات المهارة .
هناك إذن ثورة في جودة التعليم أدت إلى أن تأخذ إدارة الجودة الشاملة طريقها إلى المدارس بصورة أكثر فعالية من اجل تحسينها، مع تعريف المعلمين والمربين بمبادئ واستخدامات الجودة التي تتفق مع طموحاتهم الخاصة للتحسين المستمر في التعليم، ومع ظهور اسم ديمنج فجأة في كل مكان وارتباطه بالحركة التي تدعو لإدارة الجودة الشاملة، والتي أحدث ثورة أمريكية جديدة صارت الجودة شعارا كليا لمظاهر الحياة، وتم استخدام إدارة الجودة الشاملة TQM ومبادئها لإنعاش الأعمال والوكالات الحكومية والمستشفيات والمنظمات الاجتماعية بالإضافة إلى النظم الخاصة بالتعليم(4) .
وعلى الصعيد الأوربي ظهر الاهتمام بإدارة الجودة الشاملة في التعليم وقد اهتمت بريطانيا بوضع معايير للتعليم العالي مرتبطة بالتميز أو التفوق Excellence الذي يمتد ظهوره إلى 600 سنة ، حيث أنشأت الحكومة البريطانية عددا من الهيئات المسئولة عن الجودة وتقييمها وتأمينها وتدقيقها ، وتمثل ذلك في لجنة وكالة رؤساء الجامعات (CVAA) ومجلس تمويل التعليم العالي (HEFC) ومجلس جودة التعليم العالي (HEQC) ومجلس الإجازة البريطاني (BAC) الذي أسس عام 1984 لفرض الاعتمادAccreditation المؤسسي . وفي الوقت الحالي، هناك مسئولية تنفذ من خلال وكالة اعتماد الجودة (QAA) التي بدأت عام 1997 وقد امتد هذا الاهتمام لوزارة التعليم البريطانية التي أكدت على إدارة الجودة في الجامعات الجديدة والقديمة حتى يكون هناك منافسة في الإنجاز من خلال الأداء وتبنت مجموعة من الأساليب المختلفة لإدارة الجودة في مراحل التعليم المختلفة(5).
وهناك العديد من الكتابات التي تناولت بنظرة شاملة تاريخ الصناعة في اسكتلندا في ارتباطها بالجودة حيث تم مسح أكثر من مائتي مشروع قومي في اسكتلندا فيما يتعلق بالفوائد المتعددة لاستخدامات الجودة وما لها من دور في التطوير المستقبلي باستخدام تقنيات إدارة الجودة الشاملة وتطبيق التكنولوجيا الجديدة في كافة المؤسسات المختلفة بما فيها المؤسسات التعليمية حتى وصلت اسكتلندا لتكون بلدا صناعيا حديثا يعمل به أكثر من 5 ملايين فرد في المجالات الاقتصادية المختلفة عام 1995(6). برز أسلوب التميز والتفوق والالتزام بالابتكار من التراث الإسكتلندي الذي يؤكد على تدعيم التعليم بالجامعات رفيعة المستوى والدليل على ذلك أن الأغلبية الكبيرة من القياديين بالشركات الاسكتلندية مسجلين دوليا بمنظمات الجودة المتبنية للمعايير الدولية مثل أيزو 9000 والعديد من تقنيات الجودة الروتينية المستخدمة إلى جانب وجود فوائد لهذه التقنيات المختلفة واستخداماتها لتحسين الجودة بشكل كبير في الشركات باسكتلندا الذي يتضح من التطبيق الواسع الانتشار والاستعمال في المنطقة .
ولأيرلندا تاريخ طويل في الجودة وقد أظهرت السنوات الأخيرة أن هناك استثمارا في الوقت والمصادر الشاملة في تقييم الجودة وتحسينها ضمن قطاع التعليم الجامعي الأيرلندي، من خلال برنامج تعليمي لتامين الجودة للعام الجامعي 98/1999 الذي نفذته كلية دبلن الجامعية (UCD) والذي يعتني بكل قسم بالكلية ويكون لديه تدخل مباشر في هذا البرنامج في السنوات القادمة، كما وضعت مشروعات مازالت تنفذ كخطوة أولى في تأسيس منهجية خاصة بالجودة وفقا لسياق الثقافة الأيرلندية مما مكن الجامعات منذ عام 1997 من أن تسوق قضية الجودة في التعليم الجامعي بالتأكيد على المعايير العالية في التعليم والبحث، كما أن الجامعات الأيرلندية ترى أن مواجهة هذا التحدي الجديد يتطلب تبني وتطبيق مدخل تقييم الجودة Quality Assessment ومدخل تحسين الجودة Improvement Quality (7).
ومنذ توحيد ألمانيا الشرقية والغربية في 3 أكتوبر 1990 تم وضع وتنفيذ مشروع للجودة الشاملة في الدولة الاتحادية الجديدة التي كانت وما زالت تنافس في الأسواق العالمية المختلفة عن طريق إحداث تعديلات بنائية في الاقتصاد وتلبية متطلبات السوق وتطوير الشركات الناجحة في المشروعات المنافسة، وذلك لوجود العديد من الأسواق التقليدية في أوربا الشرقية التي انهارت تقريباً، مما أدى إلى أن كل شركة تدافع عن نفسها بحيث تصل إلى معيار التميز الذي يسمح لها بأن ترسخ تواجدها في الأسواق العالمية خلال فترة التغيير، وهناك مداخل عديدة منذ عام 1992 لاستخدام إدارة الجودة الشاملة، وطرق متنوعة وحديثة عن طريق الاهتمام بالعمل المدار بطريقة سليمة تبتعد عن الإدارة التقليدية وتؤكد علي الالتزام والقيادة التشاركية، وفي هذه الحالة ستكون هناك جودة شاملة يمكن أن تساعد في تمويل الاقتصاد الألماني بشكل فعال . (
بالتعاون مع جامعات ألمانية منها جامعة برلين التقنية Technical University of Berlin وجامعة شتوتجارت University of Stuttgart وجامعة بريمين University of Bremen.
أما في اليابان بعد الحرب العالمية الثانية، فقد كان هناك طلب هائل على السلع الاستهلاكية التي كان لزاماً عليها إرضاء جميع الأذواق في وقت تنتقل فيه الصناعة من ظروف الحرب إلى السلام.